بسم الله الرحمن الرحيم
السلام ورحمة الله وبركاته
أيها الأحبة الكرام ..
المتلفت منّا لمن حوله والناس غالبهم يجدهم أن أكثرهم يعيشون في نفوس بعضهم البعض أكثر مما يعيشون في نفوس أنفسهم ..
بمعنى آخر :أنهم لا يتحركون ولا يسكنون .. ولا يأخذون ولا يدعون إلا لأن الناس هكذا يريدون ..
أصبحت حياتنا في الغالب مع هذا العالم بحياة الآخرين .. لو فتشنا فيها .. لن تجد لها أثراً إلا في عيون الناظرين .. وآذان السامعين .. وأفواه المتكلمين ..
ولو قُدِّر لأحدنا أن يعيش في جزيرة لا سكان بها .. أو أصبح وحيداً في هذا العالم لا يجد بجانبه أذناً تسمع صوته .. ولا عيناً تنظر إلى شكله .. ولا لساناً يردد ذكره .. لآثر الموت على الحياة علّه يجد في عالم غير هذا العالم ما يريده ويطيب له العيش وقتها ..
فكأن حياتنا الخاصة مع هذا كله متلاشية في حياة الآخرين .. وأصبحناً نسخاً كربونيةً من أصل واحد ..
فعشنا بحياتنا لا عمل لنا فيها إلا معالجة النفس على الرضا بما يرضى به
الناس ..
وأصبح ذلك هو المقياس ولو على حساب أرواحنا وأجسادنا وصحتنا وأولادنا بل ربما وصل بنا في بعض الأحيان إلى مبادئنا ..
وهناك مواقف لدي ولديك كثيرة تثبت هذا الكلام ..
ولعل من أقربها إليّ حين ترى من أقاربك رجلاً عاقلاً .. يعرف ما يجب ويعلم ما يأخذ وما يدع .. يبيع منزله في نفقة عُرس ولده أو ابنته .. فلا تجد لفعله تفسيراً وتأويلاً إلا خوفه من سخط الناس واتقاءه مذمتهم .. ولو سألته لأجابك بذلك أو قريباً منه ..
وكثيراً ما قتل الخوف من سخط الناس وعدم رضاهم ذكاء الأذكياء ..
وأطفأ عقول العقلاء ..
وكم نرى من ذكي فطن مبدع يظل طول حياته خاملاً متلففاً لا يجرؤ على إظهار أثر من آثار إبداعه وفطنته وحكمته مخافة هزء الناس وسخريتهم ..
وكذا عاقل لا يمنعه من الإقدام على إصلاح شأن أمته وتقويمها وتوجيهها والنصح لها إلا سخط الساخطين ونقمة الناقمين ..
أيها الداعية الحصيف ..
عش حياتك لوحدك .. واعمل لله مع الإخلاص إليه .. وثق بمبادءك وقيَمك .. وليس عليك قطف الثمرة .. افعل ما تدين الله به .. وما أنت مقتنع به .. ولا تلتفت للناس وما يرضيهم على حساب أشياء أخرى .. وما على الرسول إلا البلاغ ..
أفق ..
الجمعة 9 ربيع أول 1430هـ
السلام ورحمة الله وبركاته
أيها الأحبة الكرام ..
المتلفت منّا لمن حوله والناس غالبهم يجدهم أن أكثرهم يعيشون في نفوس بعضهم البعض أكثر مما يعيشون في نفوس أنفسهم ..
بمعنى آخر :أنهم لا يتحركون ولا يسكنون .. ولا يأخذون ولا يدعون إلا لأن الناس هكذا يريدون ..
أصبحت حياتنا في الغالب مع هذا العالم بحياة الآخرين .. لو فتشنا فيها .. لن تجد لها أثراً إلا في عيون الناظرين .. وآذان السامعين .. وأفواه المتكلمين ..
ولو قُدِّر لأحدنا أن يعيش في جزيرة لا سكان بها .. أو أصبح وحيداً في هذا العالم لا يجد بجانبه أذناً تسمع صوته .. ولا عيناً تنظر إلى شكله .. ولا لساناً يردد ذكره .. لآثر الموت على الحياة علّه يجد في عالم غير هذا العالم ما يريده ويطيب له العيش وقتها ..
فكأن حياتنا الخاصة مع هذا كله متلاشية في حياة الآخرين .. وأصبحناً نسخاً كربونيةً من أصل واحد ..
فعشنا بحياتنا لا عمل لنا فيها إلا معالجة النفس على الرضا بما يرضى به
الناس ..
وأصبح ذلك هو المقياس ولو على حساب أرواحنا وأجسادنا وصحتنا وأولادنا بل ربما وصل بنا في بعض الأحيان إلى مبادئنا ..
وهناك مواقف لدي ولديك كثيرة تثبت هذا الكلام ..
ولعل من أقربها إليّ حين ترى من أقاربك رجلاً عاقلاً .. يعرف ما يجب ويعلم ما يأخذ وما يدع .. يبيع منزله في نفقة عُرس ولده أو ابنته .. فلا تجد لفعله تفسيراً وتأويلاً إلا خوفه من سخط الناس واتقاءه مذمتهم .. ولو سألته لأجابك بذلك أو قريباً منه ..
وكثيراً ما قتل الخوف من سخط الناس وعدم رضاهم ذكاء الأذكياء ..
وأطفأ عقول العقلاء ..
وكم نرى من ذكي فطن مبدع يظل طول حياته خاملاً متلففاً لا يجرؤ على إظهار أثر من آثار إبداعه وفطنته وحكمته مخافة هزء الناس وسخريتهم ..
وكذا عاقل لا يمنعه من الإقدام على إصلاح شأن أمته وتقويمها وتوجيهها والنصح لها إلا سخط الساخطين ونقمة الناقمين ..
أيها الداعية الحصيف ..
عش حياتك لوحدك .. واعمل لله مع الإخلاص إليه .. وثق بمبادءك وقيَمك .. وليس عليك قطف الثمرة .. افعل ما تدين الله به .. وما أنت مقتنع به .. ولا تلتفت للناس وما يرضيهم على حساب أشياء أخرى .. وما على الرسول إلا البلاغ ..
أفق ..
الجمعة 9 ربيع أول 1430هـ
